واجه قطاع الإنتاج الحيواني بمصر عدّة تحدّيات عالمية ومحلية خلال السنوات الأخيره أثّرت على اقتصاديات بعض مزارع الإنتاج الحيواني وتحقيق خسائر لبعضها في حين استطاع البعض الآخر مواجة تلك التحدّيات والإستمرار في الإستثمار وانعكس ذلك على انخفاض أعداد الحيوانات خلال السنوات الأخيره. كان آخر هذه التحديات جائحة فيروس كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية ثم حرب السودان حيث أدّت هذه الأحداث إلى زيادة الفجوة العلفية من انخفاض المتاح من الخامات العلفية وارتفاع أسعار الخامات وزيادة تكاليف التغذية ومع انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار وانخفاض القدرة الشرائية للمستهلك فإنّ الزيادة في أسعار المنتجات الحيوانية لم تتناسب مع الزيادة في أسعار الخامات العلفية المستورد معظمها وهذا تسبّب في تحقيق خسائر لبعض القطاعات العاملة في مجال الماشية والدواجن وخروج بعض المزارع من السوق .
وبما أنّ تكإلىف التغذية تمثل مؤخراً اكثر من 75% من التكاليف المتغيرة لمشروع الإنتاج الحيواني فإنّ تخفيض تكلفة التغذية لإنتاج كجم واحد لحم او لبن أصبح هدفاً اولياً لغالبية المتخصّصين في مجال تغذية الحيوان ويمكن تحقيق ذلك من خلال طريقتين :
أولاً: معظمة الإستفادة من المركّبات الغذائية وتخفيض الفاقد من خلال إجراء بعض المعاملات على الخامات العلفية مثل الجرش المثالي للحبوب او تصنيعها في صورة رقائق مجلتنة او من خلال تصنيعها في صورة علف مصبع وايضاً إجراء بعض المعاملات على الأكساب النباتية المختلفة لزيادة البروتين الهارب من الكرش بهدف رفع معاملات الهضم وتخفيض الخارج من هذه الخامات او المركّبات الغذائية في الروث ممّا يؤدّي إلى تخفيض كميات الخامات العلفية المستخدمة او استخدام نفس الكميات ولكنها تحقق أداء افضل على الحيوان ، كما أنّ تقطيع مواد العلف الخشنة مثل الدريس وقش الأرز، وتقديم العلف للماشية بنظام العلائق الكلية المخلوطة TMR وزيادة عدد مرّات تقديم العليقة، واستخدام الإضافات العلفية بشكل صحيح من خلال استخدام الإضافة المناسبة في التوقيت المناسب بالكمية المناسبة بهدف توفير بيئة مثلى لنشاط الكائنات الحيّة بالكرش لتحقيق أفضل معاملات لهضم المركّبات الغذائية كل هذه التوصيات ستساعد في تحقيق هدف معظمة الإستفادة من المركّبات الغذائية .
ثانياً : استخدام البدائل العلفية المحلية المتاحة بشكل علمي صحيح بعد تحليها كيميائياً، وتحديد محتواها من السموم الفطرية او العوامل المثبطة للتغذية والطريقة المثلى للتعامل مع كلّ خامة حسب طبيعتها وإمكانيات المزرعة (فريش – تجفيف- سيلجه…الخ) ، وأسعارها ومواسم توفّرها لاستخدامها في علائق الماشية بما يحقّق مبدأ التغذية الإقتصادية والذي يمكنني تعريفه بأنّه الحصول على أقصى إنتاجية ممكنة من الحيوان بأقلّ تكلفة ممكنة دون أن نؤثّر على صحة الحيوان او جودة المنتج الحيواني الناتج ( لحم – لبن ) او إحداث اي تأثير سلبي على البيئة.
أيضاً فإنّ الإختيار الصحيح للحيوانات التي ينطبق عليها النموذج المثالي لإنتاج اللّحم او انتاج اللبن حسب غرض المزرعة، وبتركيب وراثي جيّد، وتربية هذا الحيوانات في بيئة مثالية تحقّق للحيوان الراحة ومعايير الرفق بالحيوان مع مراعاة البعد الإقتصادي للإنشاءات ونسبة الإهلاك المناسبة لها سينعكس ذلك ايضاً على تحسين الأداء الإنتاجي والتناسلي وزيادة ربحية المزرعة .
وفي خلال سلسلة المقالات المتتالية في مجال التغذية الإقتصادية للماشية والتي سيتم نشرها تباعاً بالمجلة سيتمّ الشرح التفصيلي لهذا الموضوع الحيوي والهام …فتابعونا
إعداد: د. محمد بكر
استاذ مساعد تغذية الحيوان كليه الزراعه جامعة القاهرة
مصر